Skip to main content

الواقع القانوني لحوكمة المعلوماتية في ليبيا

الهيئة العامة للإتصالات والمعلوماتية – الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات.

أغسطس 1, 2025

موضوعات الجلسة

الواقع القانوني لحوكمة المعلوماتية في ليبيا، بما يشمل التشريعات، واللوائح، والسياسات، والإستراتيجيات.

إدارة الجلسة

  1. السيد/ أمين صالح   – رئيس المؤسسة الليبية للتقنية.

ضيوف الجلسة

  • طارق المصراتي – مدير الإدارة القانونية بالهيئة العامة للاتصالات.
  • نرمين السعدني – ممثلة منظمة ISOC.
  • د. محمد الجداع – الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات.
  • أمجد بدر الشويهدي – لجنة الأمم المتحدة للاقتصاد – إفريقيا.

موضوعات النقاش

  • قانون الاتصالات والمعلوماتية رقم 28 لسنة 2010م، الذي لم يُحدّث منذ أكثر من عشر سنوات، والحاجة الملحة لتطويره لمواكبة التطورات التقنية.
  • القانون رقم 8 لسنة 1990م بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية.
  • القرار رقم 985 لسنة 2022م بشأن اللوائح التنفيذية للقانون رقم 22 لسنة 2010م، الذي ضم 11 لائحة لتنظيم قطاع الاتصالات.
  • تشكيل لجنة في 2022م لصياغة مسودة قانون جديد للاتصالات والمعلوماتية، بهدف تعزيز الاستثمار والمنافسة، وتحسين الأداء في القطاعين العام والخاص.

ما نوقش في الجلسة الحوارية

قانون الاتصالات والمعلوماتية

تعمل ليبيا منذ سنة 2010م على قانون رقم 28 لسنة 2010م الذي يهدف إلى تنظيم الاتصالات، وقد وضعه خبراء ومختصون. استمر العمل بهذا القانون، لكننا اليوم في 2025م، وقانون الاتصالات والمعلوماتية لم يُحدّث منذ أكثر من 10 سنوات، والقوانين تحتاج إلى تطوير وتحديث باستمرار.

من القوانين الصادرة في هذا الخصوص القانون رقم 8 لسنة 1990م بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية، ثم إن مجلس الوزراء الليبي أصدر القرار رقم 985 لسنة 2022م بإصدار اللوائح التنفيذية للقانون رقم 22 لسنة 2010م بشأن الاتصالات، بهدف تنظيم قطاع الاتصالات في ليبيا عن طريق تحديد الإجراءات والمتطلبات اللازمة للحصول على التراخيص في هذا القطاع، وقد ضم القرار في جعبته 11 لائحة تنفيذية لتنظيم قطاع الاتصالات.

وفي سنة 2022م أصدر رئيس الهيئة العامة للاتصالات والمعلوماتية قرارًا بتشكيل لجنة لوضع مسودة قانون الاتصالات والمعلوماتية، من أجل وضع إطار تنظيمي للاستثمار والمنافسة والنمو في قطاع الاتصالات والمعلوماتية، وهو إلى ذلك يسعى لرفع مستوى الأداء بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بشقية العام والخاص، وتحسين فرص الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي والمعاملات الإلكترونية.

عملت اللجنة مدة عامين حتى وصلت إلى المسودة النهائية للقانون، وقد شاركت الهيئة مسودة القانون على موقعها الرسمي.

حماية البيانات الشخصية

إن حماية البيانات الشخصية من حقوق الإنسان الأساسية التي تدعمها جميع الدول، وأكثر من 160 دولة لديها قوانين خاصة تعنى بحماية البيانات الشخصية، وتنظم عملية تجميع البيانات ومعالجتها، بدءًا من اتفاقية مجلس أوروبا سنة 1982م بشأن الجرائم الإلكترونية التي تعرف باسم اتفاقية بودابست، حتى مشروع اتفاقية الجزائر بشأن حماية البيانات الشخصية، أما الدول العربية فإن 16 دولة منها بها قوانين لحماية البيانات الشخصية، والدفاع عن حقوق أصحابها، وتجريم تجميع البيانات ومعالجتها من دون إذن أصحابها.

وفي إطار الدولة الليبية، فإن دور الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات في حماية البيانات الشخصية، يتمثل في المشروع الوطني لحماية البيانات الشخصية بمبادة من المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان، ويجري العمل على صياغة قانون حماية البيانات الشخصية، ووضع هيكلية لمؤسسة تعنى بهذا الشأن، وهذا القانون في مراحله النهائية.

أما فيما يخص اللائحة التنظيمية لحماية البيانات الشخصية ذات الطابع المالي، فإن غياب تنظيم قانوني واضح في ليبيا أو غياب التشريعات أدى إلى تدخل مصرف ليبيا المركزي للإشراف ومتابعة العملية، وقد أُعدت لائحة موفّقة جمعت كل المعايير الدولية الخاصة بحماية البيانات الشخصية، مع بعض المآخذ التي تتطلب تحقيقًا مستمرًّا لضمان فاعليتها.

المجتمع المدني وقانون الجرائم الإلكترونية

يتعلق قانون الجرائم الإلكترونية والتحديات المرتبطة به بتوجيهات المجتمع المدني حول ضرورة حماية المستخدمين والقطاعات المعنية، بأن تكون القوانين أكثر تمكينًا وتتجاوز الجانب الكلاسيكي التنظيمي.

في القوانين الحالية عيوب فنية تعد جزءًا من الهيكل التنظيمي للقطاع، ولذلك فمن المهم وضع تنظيم شامل يضمن الاستفادة من قوانين الخصوصية وسلامة المعلومات، سواء للمستخدم الفردي أو القطاع الخاص، ويعزز فاعلية الحماية والأمن السيبراني.

من خلال التعاون بين المجتمع المدني والقطاع الحكومي والخاص، يمكن تعزيز فعالية قانون الجرائم الإلكترونية وضمان تطبيقه بشكل يراعي خصوصية وأمان المستخدمين، مما يفتح الطريق نحو بيئة رقمية أكثر أمانًا وثقة في ليبيا.

إن المجتمع المدني جزء من المنظومة التقنية في ليبيا، وله دور مهم في وضع التشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، لضمان المصلحة العليا للجميع، وتمكين المستخدم من الاستفادة من التقنية بأمان، وتنظيم القطاع، وقد عمل المجتمع المدني على تقديم توصيات مستمرة للجهات التشريعية، داعيًا إلى صياغة قانون جرائم إلكترونية يتجاوز مجرد الردع القانوني ليشمل آليات حماية حقيقية للمستخدمين، وتوفير تعليم وتوعية حول الأمن الرقمي، إضافة إلى دعم البنية التحتية التقنية اللازمة.

ومع ذلك، يواجه المجتمع المدني تحديات كبيرة في هذا المجال، منها ضعف الموارد، وعدم وضوح أدوار الجهات الحكومية، فضلًا عن التحديات المتعلقة بحماية الخصوصية في ظل غياب بيئة قانونية متكاملة. إن ضعف التوعية المجتمعية يجعل من الضروري أن تنظم هذه منظمات المجتمع المدني برامج تدريبية مكثفة؛ لتعزيز فهم الأفراد والمؤسسات لأهمية الأمن السيبراني وحقوقهم الرقمية.

تحديات تكوين السياسات واللوائح في المنطقة العربية

إن من أبرز الصعوبات في تكوين السياسات واللوائح في المنطقة العربية وجود بعض التحديات مثل التخوف والقلق من وجود المجتمع المدني والقطاع التقني جنبًا إلى جنب مع الحكومات، مما يعرقل عملية تطوير السياسات بفاعلية، ثم إن مدى اقتناع الدور العربي في هذا المجال يختلف من دولة إلى أخرى ويواجه بعض التحفظات.

على مدار السنين، وبعد مرور نحو 20 سنة على إنشاء حوكمة الإنترنت، شهدت المنطقة العربية تضاربًا في الأفكار والرؤى حول أهمية هذه السياسات، وهو ما لا يعني بالضرورة الوصول إلى أفق مثالي، لكنه يسلط الضوء على الحاجة لمزيد من الحوار والتفاهم لتحقيق تقدم فعلي.

قوانين الجرائم الإلكترونية

وجهت العديد من الانتقادات الحادة إلى قوانين الجرائم الإلكترونية والتشريعات ذات الصلة. يُذكر أن القوانين وضعية من صنع البشر وتحتاج إلى تطبيق عملي واقعي يكشف عن الثغرات الموجودة فيها، لا سيما في مجالات السلطة التشريعية والتنفيذية، وتعد قوانين الأمر السيبراني ذات خصوصية عالية، ويجب أن تحقق توازنًا دقيقًا بين البعد الأمني وحقوق أصحاب المصلحة، لضمان حماية البيانات وخصوصية الأفراد.

من المهم جدًّا وجود منظومة قانونية متكاملة، فكل دول المجاورة لليبيا تمتلك مؤسسات معنية بحماية البيانات الشخصية والبنية التحتية للتمثيل الرقمي لهوية الفرد، وهو ما يُعد المفتاح العام لعملية المصادقة الإلكترونية. يفرض الواقع القانوني ضرورة التطور المستمر للتشريعات لمواكبة التحولات الرقمية، مع تدخل السلطة أحيانًا لتعديل القوانين، فإن النقطة الجوهرية التي ما زالت بحاجة إلى معالجة هي عدم تحديد مسؤولية الشخص الاعتباري فيما يخص الامتثال للسياسات والقوانين والمعايير.

من المطالب الملحة أيضًا إصدار قوانين خاصة بالذكاء الاصطناعي، وحماية الأطفال، وتنظيم التجارة الإلكترونية. وفي الحالة الليبية، يُشير الواقع إلى أن المرحلة الانتقالية الحالية لا تكفي لتوفير بيئة رقمية آمنة، حتى مع ارتباط ليبيا باتفاقيات دولية تهدف إلى منع التهديدات الخارجية، وهو ما يمتد أثره إلى الداخل.

والسؤال الأهم هو: هل تمتلك الدولة الليبية القدرة اللازمة لمواجهة هذه التحديات وتفعيل هذه الالتزامات؟

دور الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات

تتولى الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات دورًا حيويًّا لكونها مصدر خبرة رئيسي في المجال، فهي تعمل على تقديم الأدلة والتوجيهات الفنية اللازمة لضمان تنفيذ القوانين المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية البيانات بفاعلية.

إن الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات جهة داعمة تسهم في تطوير المعايير الفنية والإشراف على تطبيقها، مما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الرقمية وضمان بيئة رقمية آمنة ومستدامة.

مستقبل اللوائح والسياسات في المنطقة العربية

يتوقع أن يشهد مستقبل اللوائح والسياسات في المنطقة العربية تطورًا كبيرًا، لا سيما في السنوات الثلاثة القادمة. يهدف هذا التطور إلى تعزيز البيئة الرقمية، وتنظيم الفضاء الإلكتروني تنظيمًا أكثر فاعلية، ومن المتوقع إصدار سياسات جديدة تلائم التغيرات التقنية، مع التركيز على التنسيق مع الحضور وأصحاب المصلحة، بما يشمل كلا من: المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومات.

أما فيما يخص المجتمع المدني، فإن اللوائح المرتبطة بإصدار قانون الاتصالات والمعلوماتية الجديد ستكون ذات أهمية كبيرة، إذ ستعمل على تنظيم حقوق المستخدمين، حماية البيانات، وضمان الشفافية. أما على مستوى اللوائح، فمن المتوقع تنظيم الطيف الترددي، وتفعيل الرقابة على مقدمي الخدمة، إضافة إلى تنظيم الخدمات البريدية لضمان الجودة والأمان.

وفي رأس الهرم، يظل الدستور الليبي هو الأساس، فهو المرجع الرئيسي، وبتضمين القوانين ذات العلاقة في الدستور يمكن ضمان حماية الحقوق والحريات بصورة دائمة، ما يعزز شرعية القانون وسيادته، ويؤسس لبيئة تشريعية قوية تدعم التحول الرقمي والتنمية المستدامة.

دور المجتمع المدني

تواجه ليبيا تحديًا رئيسيًّا يتمثل في ضعف مشاركة المجتمع المدني والمجتمع الأكاديمي، حتى مع أهمية دورهما وكونهما أدوات فعالة لملء الفجوات وتحقيق التنمية الشاملة، فإن الوعي بهذا الدور ما زال محدودًا، وهو ما يُعزى إلى نقص الوعي الكافي لدى الجهات ذات العلاقة حول القيمة التي يمكن أن يضيفها المجتمع المدني، خاصة في سياق دولة حديثة تمر بمرحلة انتقالية، يكون للجميع فيها دور حيويّ في بناء المستقبل.

لذلك، من الضروري أن تتبنى الجهات الحكومية رؤية واضحة ومحددة تُمكن باقي الجهات من مواكبتها ومتابعتها، مع تفعيل المشاركة في جلسات وورش عمل مماثلة لتعزيز التعاون والتواصل. بناء الثقة بين جميع الأطراف هو أساس لتحقيق الأهداف المشتركة، لا سيما في مجال حماية المستخدمين، وهو ما يتطلب تضافر الجهود والتنسيق المستمر.

على الدول أن تحسب التكلفة التي تتكبدها والخسائر الناتجة عن ضعف التنسيق أو نقص التعاون بين الأطراف، فهي مما يؤثر على الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، والأمان السيبراني، والتنمية الاقتصادية بصورة عامة، وعليها أن تعلم أن الاستثمار في توعية المجتمع المدني وتفعيل دوره هو استثمار حيوي لضمان استدامة التطور والتحول الرقمي في ليبيا.

توصيات الجلسة الحوارية

  1. تحديث قانون الاتصالات والمعلوماتية دوريًّا لمواكبة التطورات التقنية والاحتياجات الحالية، مع ضمان مرونته ليواكب سرعة الأحداث والتقنيات الجديدة.
  2. إصدار قوانين واضحة لحماية البيانات الشخصية توافق المعايير الدولية، مع تخصيص مؤسسات رقابية فعّالة تضمن تنفيذها وحماية الخصوصية.
  3. وضع إطار تشريعي شامل يعالج جرائم الإنترنت يوازن بين الأمن وحقوق المستخدمين، عن طريق تبني نماذج قوانين عالمية وتجارب ناجحة، مع تكييفها وفقًا للخصوصية الليبية والسيادة الرقمية.
  4. تفعيل التعاون بين الجهات التشريعية والتنفيذية لضمان تطبيق السياسات على نحو فعّال، مع إيجاد آليات واضحة للتعاون وعدم تداخل الصلاحيات بين الأطراف المختلفة.
  5. تضمين الحقوق والحرية الرقمية في الدستور الليبي لضمان حماية دائمة لحقوق الأفراد الرقمية، مع النظر إلى البعد الإستراتيجي والدسترة على أنها خطوة أساسية.
  6. تعزيز مشاركة المجتمع المدني والأكاديمي في وضع السياسات واللوائح لتحقيق التوازن والشمولية، مع إشراك أكبر قدر ممكن من المختصين والمجتمع المدني منذ البداية؛ لضمان ملاءمة القوانين وفاعليتها.
  7. بناء الثقة بين جميع الأطراف بواسطة الشراكة والتواصل المستمر، والاعتراف بأهمية الدبلوماسية في عرض الأفكار وتوضيح الاختلافات على المستويين الوطني والإقليمي، إذ إن الرؤى قد تختلف، ولكن الأهداف مشتركة.
  8. إنشاء منصات حوار وتعاون مستمرة لتعزيز التفاهم بين القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني، ورفع درجة الوعي حول الحقوق الرقمية.
  9. تنسيق الجهود العربية والدولية لا سيما في مجالات الأمن السيبراني والسيادة الرقمية، عن طريق الاستفادة من الاتفاقيات والخبرات الدولية، وإنشاء آليات تعاون بين الجهات الفنية والتشريعية لضمان توافق القوانين مع المعايير التقنية.
  10. تطوير قدرات الكوادر الوطنية بواسطة برامج تدريبية وورش عمل متخصصة تجمع بين القانون والتقنية، مع إطلاق دبلومات متخصصة لتعزيز التفاهم بين القانونيين والفنيين، فبناء القدرات نقطة فيصلية لمواكبة التطور التقني.
  11. إعادة هيكلة القطاع الاتصالات ماليًّا وإداريًّا لضمان المساواة والعدالة، والحفاظ على القدرات الوطنية ومنع هجرة الكفاءات.
  12. الاستعداد المسبق بإعداد خطة طوارئ وطنية للتعامل مع الكوارث الطبيعية والأزمات السيبرانية، ما يعزز الاستجابة السريعة والفعّالة في الحالات الطارئة.
  13. الحفاظ على التمثيل المتوازن في صنع القرارات الخاصة بالتقنية، وإشراك المجتمع المدني والمختصين والأكاديميين في كل مراحل صياغة القوانين؛ لضمان أن تكون القرارات متزنة وشاملة لكل المعنيين، ولتحقيق الشفافية والفاعلية.
  14. تعزيز السيادة الرقمية لحماية بيانات الشعب الليبي وخصوصيته، وذلك بواسطة قوانين نموذجية مستمدة من القوانين العالمية.
  15. رفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية التقنية وحقوق الأفراد الرقمية، عن طريق المنتديات والأحداث والأنشطة التقنية، التي تهدف إلى دفع الدولة لإصدار سياسات وتشريعات تحمي هذه الحقوق.